الملك السعيد


الملك السعيد كان يا ما كان ملك ثري جدا وسمين جدا. وكان غناه من كثرة الناس الذين يعملون لديه، أما سمته فكانت من كثرة ما يأكله ويشربه. وكان ملكا مشغولا . فكان يذهب كل يوم إلى حديقته ليرعى ثمار المانجو والبرتقال والخوخ . وكل يوم كان يذهب لزيارة النساجين الخاصين به وهم ينسجون قمصانه، وكل يوم كان يذهب لزيارة النجارين التابعين له وهم يصنعون له الأسرة والموائد والسلالم والقوائم الخشبية لكل مبانيه. وأينما ذهب كان يصطحب صديقه المقرب الوزير حبيب، هذا الصديق كان سعيدا بنفس قدر سعادة الملك – أو على الأقل كان عليه ادعاء ذلك على أي حال لأن الملك كان يطلب منه أن يقوم بغناء أغنيتيه المفضلتين: “ها هي الأيام السعيدة تهل من جديد” و “حفظ الله الملك”. وفي يوم من الأيام كان أحد البستانيين وأحد النساجين وأحد النجارين جالسين معا يتحدثون قبل مجيء الملك السعيد وصديقه الوزير حيبب لزيارتهم 

وبدأ صادق البستاني العجوز الحديث: 

أطرف ما في الأمر يا أصحابي هو أني قمت خلال خدمتي للملك بجمع أطنان وأطنان من الخوخ من بستانه. ولكن هل تعلمان أنتي نادرا ما أكلت أكثر مما يمكن أن تسعه كفي“. ثم قام يوسف النساج بالحدیث: “لست على علم بأحوالك يا صادق ، لكنني قمت بغزل أمتار من الحرير تمتد من هنا إلى البحر وتعود. ولكنني لا أملك من يكفي من القماش الخشن – دعك من الحرير – لترقيع سروالي المثقوب”. ثم قام نوبي النجار بالحديث: “تحدثا كما تشاءا يا صاحبي. لكن فلتحضرا معي الليلة إلى منزلي وسوف أريكما أنفس ما لدينا : مائدة بثلاث أرجل ! وعندما نجلس إليها كي تناول العشاء، تبادل بيننا الدور النحل مكان الرجل الرابعة . لا يمكنني تخيل 

الأخشاب التي صنعت السلالم التي تقود إلى غرفة نومه”. ثم قال صادق العجوز 

يجب على أن أخبر الملك بهذا”. فهو رجل خير. وعندما يعلم مدى جوعي 

خلال الأسابيع الماضية سوف يتفهم ويعطيني المزيد من المال”. وقال يوسف النساج إنه سيخبر الملك بثقب سرواله، وقال نوبي إنه سيخبره عن مائدته ذات الأرجل الثلاث. وفي هذا اليوم، عندم حضر الملك تقدم البستاني العجوز للتحدث معه: “مولاي” قال صادق. فصاح الملك: “إنه صادق العجوز. كيف حالك يا صادق؟ “ليس بالجيد يا مولاي. كنت أتساءل یا مولاي لو …”. فصاح الملك: “قم بالغناء يا حبيب . لا تقلق، كلنا نتساءل، كلنا نتساءل”. وأخذ الوزير حبيب يشدو بأغنية “لن تسير بمفردك أبدا”. فقال الملك: “غني معه يا حبيب . هذه أغنية قديمة جميلة”. وأخذ حبيب والملك وصادق يغنون أغنية “لن تسير بمفردك أبدا”. ثم قال الملك: “غد إلى العمل الآن يا رفيقي العزيز”. ثم توجه بالحديث إلى صديقه الوزير حبيب قائلا: “ان صادق العجوز لرجل رائع حقا”. 

وكان التالي هو يوسف النساج. فقام الملك بسؤاله بمرح: “كيف الحال يا يوسف؟” 

شكرا لسؤالك يا مولاي. ليس حالي بالسيء“. 

فقال الملك: 

هذا جيد جدا. أرنا ما فعلته اليوم”. فنهض يوسف وأخذهم إلى نوله وبينما هو يسير أمامهم ظهر للملك ثقب السروال فإذا به يصرخ ضاحكا: 

يا ليوسف المسکین ! هل تعلم يا يوسف إن بسروالك ثقبا كبيرا يظهر 

مؤخرتك؟”

نعم يا مولاي، وكنت أريد أن أطلب منك هل يمكن … هل يمكن …” فبدأ الوزير حبيب في الغناء: 

سواء كان الطقس حارا أو كان باردا، سوف “نکيف” الطقس أيا كان، سواء 

أحببناه أم لا”. وضحك الجميع وعاد يوسف إلى عمله. فقال الملك لصديقه حبیب: “إنه لرجل رائع يوسف العجوز” ثم ذهبا لرؤية نوبي. وعند وصولهما إلى ورشة نوبي لم يجداه فيها . فقال الوزير حبيب: “من المؤكد أنه غير بعيد عن هنا”. فرد الملك: 

أنا لا أحب الانتظار. أريد أن أري سريري الجديد. يا نوبي! یا نوبي!) وأخذ الملك يصرخ مناديا على نوبي دون أن يرد عليه أحد. كان معطف نوبي 

معلقا على الباب، وكانت حقيبة أدواته على منضدة النجارة . وعندما لمحها الملك أتجه إلى المنضدة ونظر في الحقيبة. وهناك وجد الملك قطعة من الخشب النفيس. كانت قطعة من البلوط الذي ينمو في غابات الملك. وعندئذ دخل نوبي، فسأله الملك: “ما هذا؟”. لم يستطع نوبي التفكير في شيء يقوله. “هذا … هذا … هذا شيء ... شيء يا مولاي”. فنظر الملك لصديقه الوزير حبيب وقال: “ما تظن یا حبيب؟ فقال الوزير حبیب: “هذا جزء من خشبك يا مولاي”. فقال الملك: “حسنا، حسنا، حسنا”. ثم ضحك بطريقة بغيضة وقال: 

يا لك من عجوز أبله یا نوبي! قل له كم هو أبله يا حبيب”. فقام الوزير حبیب بغناء أغنية تقول “إنك نور شمسي” ولكنه أخرج أيضا سکینا وقام بقطع أذن نوبي. وقال الملك: “هذا لأنك لم تكن هنا عندما حضرنا. المرة القادمة عندما أقوم بالنداء عليك سوف تسمع جيدا، صحيح؟”. وضحك الملك السعيد على دعابته في حين أخذ الوزير حبیب یغنی: “إنك نور شمسي، نور شمسي الوحيد، تجعلني سعيدا عندما أكون حزينا. لن 

تعلم أبدا يا عزيزي كم أحبك”. وبعد أن أنهى الوزير حبيب أغنيته، قطع لسان نوبي، وقال الملك: “هذا لأن ما قلته ليس له معنى”. وهم الوزير حبیب بقطع يد نوبي، كما جرت العادة عندما يقوم أحد بمد يديه ” على أخشاب الملك السعيد أو طيوره أو أرانبه أو أي شيء آخر من خيرات غابات الملك. لكن الملك أوقفه هذه المرة قائلا: “لا يا حبيب ! يمكن أن تترك له يده. فسوف يحتاج إليها لإكمال سريري. ولكن أكمل غناءك يا صديقي العزيز، لا نريد أن يفوتنا هذا” فقام الوزير حبيب بإكمال أغنيته: “… لن تعلم أبدا يا عزيزي كم أحبك. لا تأخذ نور شمسي بعيدا” وبعد ذلك غادر الملك السعيد وصديقه الوزير حبيب المطيع تارکین نوبي في ورشته والدماء تسيل من رأسه وفمه. وقال الملك لصديقه: “هذا نوبي الأبله ! هل سيتعلم الدرس المرة القادمة؟ أعني لو كنت تركته يهرب بقطعة الخشب هذه السرق أكثر وأكثر حتى يجمع كثيرا من الأخشاب فلا يحتاج للعمل بعد ذلك. وعندئذ لن يكون لدي أحد ليصنع أسرتي وخزاناتي وموائدي ومقاعدي شديدة الجمال!”. فرد الوزير حبیب قائلا: “لا يا صاحب الجلالة، لن يكون لديك أحد”. وأخذ ينظف السكين الملكي من دماء نوبي. 

كما أنه درس يتعلم منه كل رعاياك يا مولاي”. 

ابتسم الملك في سرور وقال: إنني قمت بعمل جيد اليوم یا حبیب!)